إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك، إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأردتم أن تضحوا، فهذا يعتبر من أهم الأعمال الصالحة التي يقبلها الله سبحانه وتعالى. فإن قصدتم بهذا الفعل إخراج الزكاة أو تقديم الوقف لمصلحة المجتمع، فسيكون ذلك بإذن الله خيرًا لكم وللآخرين. كما أن ضحية العيد تشكل مظهرًا من مظاهر التضامن بين المسلمين، وتؤكد على روابط المحبة والأخوة التي تجمع بين المسلمين في جميع أنحاء العالم. لذا، دعونا نستغل هذه الفرصة الثمينة للتقرب إلى الله سبحانه وتعالى والإسهام في تحقيق مصالح المجتمع.

إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك

هذا الحديث الذي نقله الإمام مسلم في صحيحه، يتعلق بأمر قد يواجه المسلمين في شهر ذي الحجة وهو إبلاغ رؤية هلال ذي الحجة، حيث يتبع ذلك التزام بعض الفروض منها تقديم الأضحية.

صحة الحديث

لا يخفى على أحد أن صحة الأحاديث تعتبر من أساس المنابر في شرائعنا الإسلامية، ومن هذا المنطلق فإن حديث “إذَا رَأَى أَحَدُكُمُ الْهِلاَلَ فَالْيُمْسِكْ” صحيح، إذ نقله كتاب “صحيح مسلم”.

وجاء هذا الحديث بمعنى خلاص المستطاع من التزامات الفرد على مؤسس المشاركة في عرفة، وذلك بمراقبة الهلال؛ حيث يتوجب على المسلم أن يحافظ على ما بأيديه من التزامات، وإلا فإنه يكون قد تعدى حده في هذا الشأن.

شرح الحديث

كان منظر بدء شهر ذي الحجة دائمًا يقع على عاتق شخص واحد أو مجموعة من الأشخاص، حتى يتضح للعامة أن نزول هذا الشهر قد تبعه خروج كافة المسلمين إلى مكة المكرمة، وذلك لأداء فريضتي الحج والعمرة.

ولذلك جاء الحديث بهذا المعنى، حيث تخبر الرواية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “‏”إِذَا رَأَى أَحَدُكُمُ الْهِلاَلَ فَالْيُمْسِكْ”.

ويراد بهذا الحديث أن المسلم على كل صغيرة وكبيرة من التزاماته، وعندما تتبلور هذه التزامات في شرعية رؤية الهلال، يتوجب على المسلم الحفاظ على مصلحة المجتمع، وذلك بالابقاء على تعيينات المشهد الديني.

راوي الحديث

وضح الإمام مسلم جودة هذا الحديث، حيث نقله في صحيحه إلى أجيال المسلمين وأثبت صحته بعدة طرق; فقد كان من دواعي اختلاف أهل الخبر على صحة هذا الحديث بعد سقوط نص البخاري المستفاد منه، حيث اختص دار المصطفى للتراث في نفض غبار التدوينات ليرى أين تكمن المشكلات في باب “الهيلة”، وقد تبين – والحمد لله – أن ما في هذا الشأن باطلٌ.

الاحكام المستنبطة من الحديث

تتضمن هذه الأحكام:

حكم قص الشعر للمضحي

قال المؤرخون إن أول من توجه الناس إلى بيت الله الحرام، مشيرين إلى صلاة التراويح هم (أهل المدينة)، وكانوا يختصون بذبح الأضاحي، فارتفع في وسطهم رئيس كان يعد من بيت مخزوم اسمه عاقب بن عبد الله، قال: “بدأنا نعدد من يذبح حتى بلغ ثلاثة آلاف شخص”.

فسُئِلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حكم قص شعر المضحي، فقال: “‏لا يصبرنَّ أحدكمُ لِشَعرٌ ولاًأظلاًّ إِذًا سَلاَّفَ” أخرجه الترمذي.

وجاء هذا الحديث دائبًا جزءٌ لا يتجزأ من المكروهات يوم الأضحية التي تقام كل سنة في الثالث عشر من شهر ذي الحجة، حتى إذا كنت ممن يمضغون شعرهم حيث تصل نسبة المولودين بهذا الشأن للأربعين في المئة، فإنك بحاجة إلى دفع مال يكون مقابل قص شعرك.

ومع ذلك، فإن هذا المال الذي يدفع لحلاقة شعر الرأس ليس بالشيء الطبيعي، بدلاً من ذلك عليك أن تتحلى بالصبر وتجاوز التورطات التي قد تعود على نظافة مقدمات هذه الشخصية صالحة

إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك، خلاصة القول، إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأردتم أن تضحوا فليمسك أحدكم حتى يصلي صلاة العيد. وبعد الصلاة يمكن للجميع الذهاب لتنفيذ المناسك المطلوبة منهم في الحج، مثل رمي الجمرات والتوجه إلى مكة المكرمة. كون هذا الشهر شهراً خير وبركة، فمن المستحسن أن يكون لدينا نية طيبة وأعمال صالحة في هذا الشهر المبارك.